الصفحة الرئيسية >التماس >إقرأ آخر عدد
Jul 18بواسطة Smarthomer

إقرأ آخر عدد

كانت وزارة التربية والتعليم تهتم كثيرا بحصة الخط العربى، وكان جدول المدرسة اليومى لا يخلو من حصة هنا وأخرى هناك لكل سنوات الدراسة فى المرحلة الابتدائية، كما كان لهذه الحصة قدسية تعليمية واضحة، إذ كانت لها كراسة معينة تسمى بكراسة الخط، الآن اختفت هذه الكراسة، كما اختفت حصةالخط، لكن مدرسته مازالت صامدة تحارب وحدها ضد تيار يرى الخط شيئا بديهيا لا يحتاج لمدرسة، ومن هنا بدأت الأزمة.

تم إنشاء أول مدرسة للخط العربى بقرار من الملك سنة 1922 وكانت فى مكان آخر قبل نقلها لحى باب الشعرية، هكذا اختار الأستاذ عبد الحميد مصطفى مدير مدرسة الخط العربى بمدرسة السعيدية أن يبدأ حديثه عنها، ويكمل: بعد إنشاء هذه المدرسة أنشئت عدة مدارس أخرى بالقاهرة بدأت بالسعيدية الثانوية وبعض المدارس الأخرى، بالإضافة للإسكندرية وطنطا وباقى القطر المصري، ولم يكن إنشاؤها من فراغ، ولكن لاقتناع الملك وقتها بأنها مدرسة مميزة تتولى خط خطوط كسوة الكعبة المشرفة، لأنها وضعتنا فى مقدمة هذا المجال بدلا من استقدام خطاطين ورسامين من دول أخرى إسلامية، لأن الخط عماد الفن الإسلامي، ففى حين اهتمت الأديان السابقة بالتصوير والتمثيل، جعل لنا الخط العربى فنا يميزنا، لكن للأسف تم إهماله، وهذه المدارس لها طبيعة خاصة، لذا هى لا تشترط سنا معينة للقبول بها بقدر ما تهتم بالموهبة، فهناك حاصلون على الإعدادية وهناك من هم على المعاش، ومدة الدراسة بها أربع سنوات، والدراسة مسائية طيلة أيام الأسبوع عدا الجمعة والسبت، لأنها تمارس عملها فى فصول المدارس العادية الملحقة بها، وشرط دخولها اجتياز اختبار القبول، ويضيف أ.عبد الحميد: يدرس الطالب كل أنواع الخطوط العربية من نسخ ورقعة وثلث وفارسى وديوانى وزخرفة إسلامية ولغة عربية فى أول عامين، بالإضافة لمواد أخرى منها طرق التدريس لتحويل الخبرة العملية لدرس يصلح تعليمه وتوصيله بشكل تربوي، ويقضى الطالب أول سنتين فى دراسة الخط الفارسى الجليل مستخدما قلما ذا سن صغير، وفى السنتين الأخيرتين يستخدم قلما خطه سميك، لأنه كلما كبر حجم الخط ظهرت عيوبه ليتداركها، وبعد الأربع سنوات يحصل الطالب على دبلوم الخط العربى المعتمد فى مصر وخارجها، وشهادة مصر هى المعتمدة الوحيدة على مستوى العالم الإسلامي، هناك أيضا ما نسبته 65 : 70 % ممن يستمرون فى الدراسة ليحصلوا على دبلوم تخصص فى الخط والتذهيب، وهو ما يستخدم فى زخرفة وتذهيب المصاحف، وهناك مادة أخرى "للطل والمنظور" فى الفن الإسلامي، ويتعرف فيها الطالب على الزخارف الإسلامية وكل مفردات العمارة، وهى مادة إجبارية مع الاستمرار فى دراسة الخطين "الثلث والفارسي"، أما الاختيارى فينحصر ضمن أحد الخطوط الثلاثة الأخرى لتكثيف المعلومات فيه، حتى يتخرج الطالب مجازا فى نوع الخط المختار، بالإضافة للمواد النظرية من "تذوق"، و"أساليب نقد"، و"اللوحة الفنية"، و"تاريخ الخط العربي"، و"الخط الكوفي" باختصار الخط العربى علم بحره عميق، وخريج مدرسة الخط يدرس بجوار الخط علوم اللغة العربية.

القرار الوزارى الأخير

يأسى الأستاذ عبد الحميد على حال المدرسة ويؤكد بأن الاقبال عليها لم يعد كما كان خاصة بعد قرار وزير التعليم الأسبق أحمد زكى بدر بوقف هذه المدارس لمدة عام، وحاولنا مقابلته ومناقشته فى هذا القرار فرفض مسئولو الوزارة تسهيل مهمتنا، فلجأنا للصحافة للحفاظ على ريادتنا وتراثنا الإسلامى وفى النهاية بدأنا تنظيم وقفات احتجاجية حتى تولى الدكتور أحمد جمال الدين الوزارة فألغى القرار، لكن عانينا من صعوبة التمويل المالى، تخيلى أن أجر حصة المعلم حاليا خمسة جنيهات، ولولا تطوعنا حبا وثقة فى هذا المجال ما استمر أحد من المعلمين، هذا فى ظل معارضنا ومشاركتنا فى الخارج، كما ألغت وزارة التربية والتعليم منذ فترة طويلة حصة الخط العربى فى المدارس، وتخيلى أن تركيا تنظم مسابقة دولية فى هذا المجال كل أربع سنوات لا لشىء إلا لإحياء ذكرى أحد رواد الخط العربى عندهم، كما أن إمارة الشارقة لديها الآن متحف للخط العربى الذى يحتضن سنويا بعض المسابقات، بينما فى مصر لا يوجد سوى معرض سنوى وحيد يقام فى الأوبرا، كما اهتمت السعودية بالخط العربى وبدأت تستقدم الموهوبين فيه وتمنحهم جوائز عبارة عن رحلات حج وعمرة، وفى مصر رغم أننا أصل هذا المجال لكن لا يوجد اهتمام به، وكانت النتيجة تدنى مستوى خط الدارسين فى الجامعات نظرا لغياب الوعى الخطي.

مشاكل الخريجين

إقرأ آخر عدد

مشاكل خريجى المدرسة كما يوجزها أستاذ مصطفى تتمثل فى عدم وجود نقابة فعلية تجمعهم، وعندما تم إشهارها لم يتم اعتمادها، التطبيقيون والتشكيليون لا يعتبرونه جزءا مهما من دراستهم رغم أنه مكون أساسى فى دراستهم وهى مشكلة أخرى تضاف لمشاكل الخط العربى فى مصر، بينما فى أوروبا ظهرت مجموعة فنانين أطلقوا على أنفسهم "الحرفيون" وجدوا فى الحرف العربى قيمة فنية كبيرة نظرا لجماله، وحينما نظمنا معرضين فى أمريكا عن الخط العربى شهدت اللوحات قبولا إعلاميا كبيرا على إثره تقدم متحف المقاطعة بطلب استضافة المعرض أسبوعين آخرين على نفقته، قديما كان خريج مدرسة الخط بيتخطف للعمل فى الصحف والإدارة العامة للجوازات ووزارتى الداخلية والخارجية، وأيضا للعمل فى الخارج بامتيازات لم يسبق لها مثيل،لكن الآن قل الاعتماد عليهم وهذا خطر على مستقبل هذا الفن الذى يمكن دمجه مع التكنولوجيا الحديثة حيث يتم دراسة كيفية توظيف الخط العربى الأصيل مع برامج الجرافيك ولكن على هامش الدراسة، وقد تقدمت بمشروع مشابه لوزارة التربية والتعليم للاستفادة بهلكن رفض، وأتذكر قبل ثلاثين عاما عندما علمت شركة صخر لتصميم فونتات الكمبيوتر بمشروعى هذا أرسلت تطلبنى لدراسته.

دارسوالخط العربى

إيمان سيد معلمة لغة عربية وخريجة 2004 وتدرس بمدرسة الخط العربى دفعها إعجابها بكتابات الخطاطين لحب الخط العربي، وفى فترة تنظيم مدرسة السعيدية لدورات فى الخط العربى تقدمت لإحدى الدورات واجتازتها خلال شهر فى خطى الرقعة والنسخ،لكنهما لم يشبعا رغبتها فى حب الخط، فتقدمت لدراسته على مدار أربع سنوات، تقول: الخط مهم جدا لأنه يمنحنى ميزة إضافية وسط زملائي، وأنا من يصمم لوحات المدرسة، وأنا من المداومات على حضور ورش عمل وأبحاث فى تطوير الخط، وفى الأزهر يعتبر الخط مادة أساسية، لكن لابد من تكثيف الاهتمام به، وأوله المدرس حتى يهتم بالحضور، فمن يقومون بتعليمنا فن كتابة الخط العربى يأتونللمدرسة من باب "زكاة العلم" لأنه ماذا تفعل الخمسة جنيهات ثمنا لحصة يقدمها فنان فى هذا المجال، حتى الموجهة التى تتولى أمر المرور على المدرسة غير متخصصة، إذن كيف ستقوم بواجبها من تقييم وتوجيه، وتقول ميرفت محمد ربة منزل: تخرجت فى كلية التجارة ومع ذلك درست الخط العربى، ولم أكن أتوقع أنه بحر بهذه الغزارة، وهو فن راق يجب الاهتمام به، أما أسماء شاكر محامية بمركز البحوث الزراعية، فقد قادها خطها الجيد لدراسة الخط فى هذه المدرسة بعد أن نصحها قريب لها بتنمية هذه الملكة من خلال الدراسة، لذا التحقت بها وهى الآن فى السنة الثالثة، وهى الآن خطاطة لافتات بالمركز، تقول أسماء: حاليا يوجد مدرسة لتعليم الخط العربى بلندن، وأصبح الخطاطون من الصين وماليزيا وشرق آسيا ينافسون على المراكز العالمية، بينما نحن نصارع ليستمر هذا الفن، واعتقد أن الدولة مجبرة على الاهتمام به بعد فوز 20 مصريا فى آخر مسابقة أقيمت فى تركيا.

الخطوسيلة شهرة

يوضح كمال بلال إخصائى شئون مالية بطب القاهرة: الخط جعلنى معروفا فى الكلية بسبب قيامى بكتابة اللافتات أو الخطابات والكارنيهات، وقد كوفئت من شئون الطلاب بسبب أننى كنت المنوط به كتابة كارنيهات الطلبة، والخط ليس بالشيء السهل، بالعكس هو فن وهندسة، فكل حرف له عدد نقاط فى الطول والارتفاع عن السطر والعرض، وتختلف من خط لآخر، أيضا لكل خط قلم مخصص، ويختلف شكل الحرف الصحيح إذا ما تغير سن القلم أو كتب بالقلم الجاف العادي، فقلم الرقعة يختلف عن النسخ عن الديواني، وعندما نشترىقلم الحبر العادى نقوم بكسر جزء منه بزاوية معينة، ثم يغمر فى الحبر ويستخدم ، أما خطا الثلث والفارسى فنكتبهما من خلال أقلام الجريد الموجود بحديقة الأورمان، حيث يصنع سن للجريد ويمرر على صنفرة لنحصل على السن المطلوب لكل منهما وهكذا دون الحاجة لشرائه، وما جذبنى لتعلمه أصحاب والدى الذين اتخذوا منه مهنة وهواية بعد المعاش، ويقول محمد يعقوب عبد العزيز 55 سنة: 90 % من الدارسين هم فى سن المعاش، كما أن أحد المعلمين هنا كان لواء سابقا بالجيش هو اللواء متقاعد محمد خيري، أما ندى صلاح الطالبة فى الصف الثانى الثانوى فتؤكد أن تعلم الخط سيفيدها مستقبلا كونها تخطط للعمل فى مجال الإعلانات والفنون، ويكشف بدر عرابى مسئول صفحة "مدرسة الخطوط العربية" على الفيس بوك بأن عدد مدارس الخط العربى فى مصر كان 360 مدرسة كلها كانت تتبع مدارس الحكومة، لكن معظمها أغلق أبوابه بعد قرار أحمد زكى بدر بغلقها لمدة عام، ولكنها عادت بعد الثورة مجهدة وفقيرة الحال ومازالت تعافر حتى تحافظ على وجودها فى ظل عدم تقدير لأهميتها، لكن على الجانب الآخر هناك خطاطون كبار أمثال خضير البورسعيدى أكبر محكمى الخط العربى على مستوى العالم ونقيب الخطاطين، ومن أهم مدارسه التركية والإيرانية ، وهناك كأس عالم ، ومسابقة "أرسيكا" فى تركيا التى تقام كل أربع سنوات بالإضافة لمهرجان البردة فى الإمارات، ويضيف: الخط العربى حرفة مربحة سواء استخدم لتزيين اللوحات الفنية أو فى كتابة اللافتات، أو فى "حوسبة الخط" وهو مجال عملى مقصود به تصميم الفونتات التى نستخدمها فى الكمبيوتر، وهو احتياج لأنه جزء من تراث عربى أصيل لابد من المحافظة عليه حتى لو لم يكن له فائدة، وهو أحد أشكال الفن التشكيلي،فكتابة القرآن الكريم بلغته العربية المزخرفة فن فى غاية الرقى انعكس على تزيين جدران المساجد بالآيات القرآنية، لكن فى مصر قل الاهتمام به، واعتماد الخطاطين الكبار عادة يكون على العمل الخارجى لكن السوق فى مصر محدود نوعا ما كما فى دور النشر،لكن فى الخارج يمكن أن تباع لوحة مكتوبة بخط عربى بخمسين ألف جنيه، وهناك لوحات إيرانية بيعت فى المزادات بمائة ألف دولار .

مدرسةمحمود زكى

توجهنا هذه المرة للإسكندرية وقابلنا محمد الجوهرى مؤسس ومدير مدرسة محمود زكى سالم للخط العربى ليشرح لنا مجالات أخرى للخط العربى ، حيث أشار لوجود فصل للصم والبكم يقوم على مساعدتهم نفسياً وعضلياً، طالب الجوهرى بعودة الاهتمام بالخط العربى فى المدارس الحكومية من خلال مدرس الخط، فالخط ليس مجرد كراس ومدرس لغة عربية،وطالب أيضاً بعقد دورات لتحسين خطوط المدرسين وهو ما يعود على الطالب بالنفع، وأضاف: هناك بالفعل مدرسون "غيورين" على الخط العربى يأتون للمدرسة للحصول على دورات فيه لكن أكثرهم فى المدارس الخاصة،أما على مستوى خريجى مدارس الخط فلابد من دعم الخطاط الفنان كما يتم دعم الفنان التشكيلي، ولولا حب البقية المتبقية من رواد هذا الفن ما استمر وما وصل للأصغر سنا، أيضا يجب تنظيم معارض لنا فقد تم تكريمى فى المغرب وعرضوا تاريخى كله وهو ما لم يحدث فى مصر.