الصفحة الرئيسية >التماس >أسرار أول رحلة للقمر.. "أبولو" كمبيوتر تقليدي سبق كل العصور
Dec 26بواسطة Smarthomer

أسرار أول رحلة للقمر.. "أبولو" كمبيوتر تقليدي سبق كل العصور

الحاسوب "أبولو" التقليدي، قدم دورا تاريخيا على الرغم من أن قوته أدنى بملايين المرات من أي هاتف ذكي في عالمنا المعاصر

ستبقى أسرار أول رحلة إلى القمر في ستينيات القرن الماضي نموذجا على أن الاعتماد على أجهزة الحاسب الآلى محفوفا بالمخاطر.

ففي أول رحلة فضائية والتي أطلق عليها اسم رحلة أبولو في سنة 1961 تم استعمال أجهزة حاسوب، والتي كانت تعتبر بآلة حاسبة يمكنها إنجاز مجموعة من العمليات الرياضية.

وكانت مهمات الرحلة الأولى التي يستخدم فيها الحاسوب في الملاحة، إلا أن أي خلل قد يطرأ على البرمجية المستخدمة كان ممنوعا؛ إذ إن حياة الرواد على المحك.

ورغم إشارات الإنذار الشهيرة التي أثارت الخوف في نفس نيل آرمسترونج لدى نزوله إلى القمر، فإن أداء حاسوب "أبولو" كان ناجحا تماما، وقد أرسى هذا الجهاز قواعد الملاحة الجوية وأنظمة الاستكشاف المعاصرة.

لكن كيف استطاع الحاسوب "أبولو" المسمى بالإنجليزية "أبولو غايدنس كمبيوتر" إيه جي سي، أداء هذا الدور التاريخي على الرغم من أن قوته أدنى بملايين المرات من أي هاتف ذكي في عالمنا المعاصر؟

- ثورة الشرائح

كانت الدوائر الكهربائية المتكاملة أو الشرائح الإلكترونية ضرورية في تطوير أجهزة الكمبيوتر بالحجم المطلوب لوضعها على متن المركبات الفضائية بدلا من الحواسيب الأسطوانية الضخمة التي سبقتها.

وليست وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) من اخترع الشريحة الإلكترونية التي يعود الفضل بوجودها إلى جاك كيلبي (من "تكساس إنسترومنت") وروبرت نويس مؤسس "فيرتشايلد سيميكونداكتر" و"إنتل".

غير أن "ناسا" مع الجيش الأمريكي الذي كان في حاجة للشرائح لتوجيه صواريخه الباليستية نحو الاتحاد السوفيتي، سرّعا في تطويرها من خلال الطلب الهائل عليها.

وقال المؤرخ المتخصص في الرحلات الفضائية فرانك أوبراين مؤلف كتاب مرجعي عن حاسوب "أبولو"، لوكالة فرانس برس: "هم كانوا يطلبون مستوى هائلا من الأهلية للثقة لا يمكن تصوّره".

أسرار أول رحلة للقمر..

وفي مطلع الستينيات، اشترت ناسا والبنتاجون مليون شريحة إلكترونية بحسب المؤرخ، ما دفع المصنعين إلى إنتاج شرائح تعيش لفترات أطول مقارنة مع الساعات القليلة التي كانت تصمد خلالها الشرائح الأساسية.

- وظائف متعددة

تبرع أجهزة الكمبيوتر المعاصرة والهواتف الذكية في إدارة عدد كبير من المهام بصورة متزامنة.

لكن في المقابل، لم تكن للحواسيب الأولى "مهام كثيرة للقيام بها، وقد كانت وظيفتها تقتصر على إجراء حسابات، والحلول محل البشر في إنجاز هذه العمليات"، وفق سياموس تووهي مدير الأنظمة الفضائية لدى شركة "درايبر" المنبثقة من مختبرات جامعة "ام اي تي" حيث صممت آلة "أبولو".

غير أن هذا كله تغير مع كمبيوتر "أبولو"؛ إذ كان على الجهاز المصنع بحجم حقيبة إنجاز جملة وظائف حيوية تشمل الملاحة وإدارة الأكسجين والحرارة وأيضا أجهزة تنقية ثاني أكسيد الكربون كي يستنشق رواد الفضاء هواء نقيا.

وخلافا للحواسيب الأولى التي كان يعطي الإنسان من خلالها للآلة سلسلة عمليات حسابية بانتظار النتيجة (التي قد يتطلب ظهورها أياما في بعض الأحيان)، كان ضروريا أن يكون كمبيوتر "أبولو" سريعا لمواكبة رحلة المركبة حول القمر وتلقي أوامر من الطاقم في الوقت الحقيقي.

كما أن ناسا كانت تريد جهاز كمبيوتر مستقلا؛ لأنها كانت تخشى من أن يشوش السوفييت على الاتصالات بين طاقم الرحلة ومركز التحكم على الأرض.

وكان ذلك كله يستدعي "هندسة" معلوماتية صممها بشكل رئيسي المهندس المتخصص في هذا المجال هال لانينغ.

- ابتكار ثوري

وأراد مهندسو ناسا أيضا الانتقال إلى مرحلة أكثر تطورا بالمقارنة مع البطاقات المثقبة في الحواسيب البدائية.

واخترع هؤلاء عندها 3 عناصر رئيسية هي مفاتيح التشغيل الموجودة حاليا في قمرات قيادة الطائرات، وعصي التحكم التي كانت تدير النظام للمرة الأولى إلكترونيا، فيما كان العنصر الثالث شبيها بلوحة مفاتيح مسماة "دي اس كاي واي" شكلت اختراعا ثوريا في تلك الحقبة.

وعلى لوحة المفاتيح هذه، كان يمكن لرواد الفضاء دق رموز من رقمين لتشكيل أوامر، من قبيل "تشغيل المحركات".

- تجربة ناجحة

وفيما كانت الوحدة القمرية تهبط على القمر مع نيل أرمسترونج وباز ألدرين، دوت صفارة الإنذار الخاصة بكمبيوتر "أبولو" مرات عدة، ما أعطى انطباعا بأن المهمة آيلة للفشل.

ولو حصل ذلك فعلا، لما تمكنت المركبة من تقويم ارتفاعها وسرعتها ومسارها، وبالتالي فإن تحطمها كان واردا.

لكن على الأرض في مركز التحكم في هيوستن، فهم مهندسو ناسا سريعا أن الانذار مرده إلى تخمة المعلومات في جهاز الكمبيوتر؛ إذ إن كل الأنظمة كانت تعمل بصورة جيدة في الواقع.

لكن بفضل برمجة ذكية، استطاع جهاز الكمبيوتر تخفيف المهام الملقاة على عاتقه تلقائيا، وعلّق بعض الوظائف لإعطاء الأولوية للمهمات الأساسية اللازمة للهبوط على القمر.

وقال فرانك أوبراين الأخصائي في الكهرباء الفضائية في معهد سميثز أونيان إن "أداء جهاز الكمبيوتر إثر بلوغ الطاقة القصوى شكّل خرقا حقيقيا".